مالك فتح الله
الاثنين 18 تشرين الأول 2010
اكتشفت البعثة الفرنسية التي تقوم بأعمال التنقيب الأثري في موقع "داحس" في جبل "باريشا" الواقع إلى شمال مدينة "إدلب" بنحو 40 كم معصرتين تعودان للعصر البيزنطي بحالة سليمة ليصبح عدد المعاصر الأثرية المكتشفة في هذا الموقع حتى الآن 19 معصرة. "نيقولا كباد" رئيس دائرة الآثار في "إدلب" تحدث لموقع eidleb عن هذا الاكتشاف فقال: «يعد هذا الاكتشاف مكملاً لما تم اكتشافه من معاصر أثرية في هذه المنطقة المشهورة بكثرة المعاصر فيها نظراً لغنى المنطقة بزراعة الزيتون والأشجار المثمرة في العصور القديمة وهذا ما أكدته المكتشفات الأثرية فيها كما هو الحال في أغلبية المواقع الأثرية بالمحافظة وخاصة منطقة "جبل الزاوية" حيث سبق للبعثة الفرنسية اكتشاف 17 معصرة في موقع "داحس" خلال تنقيبها بالموقع لأكثر من 20 عاماً حيث يتوقع اكتشاف المزيد من المعاصر بهذا الموقع الذي كان مأهولاً بالسكان ومركزاً تجارياً مهماً بالمنطقة».
وفي وصفه للمعصرتين قال "كباد": «إحدى هاتين المعصرتين كانت معصرة زيتون والأخرى للعنب وتتألف
|
بعض أجزاء المعصرة |
كل منهما من أحواض حجرية أو منحوتة في الصخر ومتصلة ببعضها بعضاً بواسطة فتحة تتم فيها عملية عصر الزيتون واستخراج الزيت بطريقة متسلسلة تبدأ بحوض تجميع الثمار وعصره ثم التصفية وتجميع الناتج في حوض دائري سفلي يزيد قطره على متر ونصف المتر».
ويقول الباحث "فايز قوصرة": «إن زراعة الزيتون في محافظة "إدلب" عرفت منذ القديم حيث ورد ذكر الزيت والزيتون في وثائق مملكة "إيبلا" كما عثر فيها على بعض الأواني التي تستخدم لتخزين الزيت ولا يكاد يخلو أي موقع أثري في المحافظة من آثار المعاصر التي لا تزال محافظة على شكلها تماماً لكون أغلبيتها محفورة بالصخر وهو ما فرض وجود الكثير من المعاصر في أماكن زراعته،
|
معصرة مكتشفة قديماً |
وموقع "داحس" الأثري واحد من هذه المواقع التي يوجد فيها عشرات المعاصر حيث عرفت في القديم بكونها أحد المراكز الرئيسية في إنتاج الزيت وتصديره إلى الخارج عن طريق إنطاكية».
وأضاف "قوصرة": «إن المعاصر القديمة على نوعين فوق الأرض وهي الأكثر انتشارا مثل تلك الموجودة في "داحس" وتحت الأرض كما هو الحال في بلدة "البارة" و"باقرحا" أما اليوم فإنه يوجد في محافظة "إدلب" 176 معصرة أغلبيتها حديثة تعمل بالطرد المركزي».
ويقول الباحث "عبد الحميد مشلح": «إن "داحس" هي إحدى المدن البائدة الكبيرة وأكبر تجمع سكاني في القسم الشمالي من جبل "باريشا" دبت فيها الحياة نهاية القرن الأول الميلادي وتطورت في القرن الرابع وبلغت أوج حضارتها في
|
نيقولا كباد رئيس دائرة آثار إدلب |
القرن السادس ولكنها اليوم خالية من السكان وتنتشر على مساحة كبيرة تحوي الكثير من المباني الأثرية كالفيلات والكنائس والمدافن والأديرة والمعاصر إضافة إلى فندق وبرج ومعظم هذه المباني تهدمت بفعل الزلازل في حين لا يزال بعضها محافظاً على شكله ومنظره العام».