الباب الرابع من المقدمة الثالثة في المحاسن وضدها والحَبَل والميلاد والصهارة
اعلم أن لما شَّبه الشعَر بالليل والجبين بالصبح والوجه بالهلال والبدر والشمس
(1/185)
________________________________________
ص 134 أ والحواجب بالعشي والعيون بالسهام والنرجس والشرَك والخدود بالورد والفم بالخاتم والشفاه بالعقيق والمرجان والأسنان باللؤلؤ والريق بالشهد والخَمر وشَبّه العذار بالزنجبيل والأس والريحان كما شُبه باللام في شكل الكتابة والحاجب بالنون والقِدّ بالألف والرمح وشُبّه المبسم بالبرق والهنود بالرمان والنَفَس بالمسك والمليح بالظبي وأمثال ذلك كثير ( 1 ) فإن صار ما يراه الإنسان من ذلك في المنام دليل على الفتنة والاشتغال بالهوى والأماني النفسانية فإن رأى الإنسان لنفسه شعراً أو رآه على غيره وهو يتغالى في سواده وطوله وكان في اليقظة يقصد أموراً مستورة دل على أنه يبلغ قصده مما يروم ستره وإن رأى أن له جبيناً مليحاً أو رآه لغيره ربما ظهر عليه سر يريد كتمانه وإن كان الرأي صائماً ربما أدركه الصُبح وهو يأكل ومن رأى الهلال في منامه ربما اجتمع بمن يحبه وكذلك إن رأى البدر أو الشمس ومن رأى في المنام أن معه قِسياً صادق كاتباً أو عاشر من يوصف بحُسن الحاجب ورؤية السهام والنرجس والشرَك في المنام ربما دلت على ذي العيون المليحة وإن كان
ص 134 ب أرمد أفاق مما يشكوه وحسُنت عيونه وربما خُشي على الرأي من مكيدة يقع فيها ورؤية الورد في المنام دليل على ذي الخدود الموردة وكذلك إن رأى معه عقيقاً أو مرجاناً عاشر من هو مشُهور بحُسن الشفاه كما أنه إذا رأى معه لؤلؤ فإنه يدل على من يوصف بحُسن نظم الأسنان وإن كان الرأي يشكو ضرراً في أسنانه سَلِم وعوفي مما يشكوه ومن أكل شُهداً أو شرب خمراً في منامه قَبّل من يوصف ريقه بذلك
(1/186)
________________________________________
والعِذار إقامة عذر ومن صار له عذار من أرباب اللحى خُشي عليه زنجيل في رقبته وربما دل العذار على الأس والريحان كما دل الأس والريحان عليه ومن رأى معه خاتماً قبّل فماً وعلى هذا فقس واعط كل إنسان ما يليق به واعتَبر الشامة في الخد والخال والوشام في الجسد واللعُوط وخرم الأذن وما أشبه ذلك عند من يستحسنه ثم ما يتعاطاه النساء من الزينة بالخضاب والنقش وتحمير الخد ثم ما يليق بالنساء أيضاً من الكلام وتحسُن بهن
فإن رأى في المنام بخده شامة لائقة به دل على زواجه إن كان أعزب أو رُزق ولداً جميلاً أو اشتهر بمعروف وإن رأى بخده خالاً ربما تخلى عن أمر رديء واتصف بخير وأما الوشام والرق الأخضر لمن يليق به من الرجال والنساء
ص 135 أ دليل على التزين بالعمل كالكتابة أو العلم أو التلفظ بالفصاحة واللعُوط على الوجه لمن يعتاده زيادة رفعة وسيرة حسنة وكذلك خرم الأذن
وأما ما يتعاطاه النساء لأنفسهن من الزينة فإن كُنّ أمواتاً دل على قبول أعمالهن وحُسن حالهن عند الله وإن كُن أحياءً ولا يباح لهن ذلك دل على التبرج وإتيان المناهي
وأما ما يشين الإنسان كالحدبات والعمش والعُور والعرج فكل ذلك دليل على زوال المنصب والميل إلى الهوى واللعب وظهور الأسرار إذا ظهر في المنام والله أعلم
وأما الحَبل والميلاد في المنام فيُعتَبر فيه حَبل الرجال وحبَل الأبكار وحبل المرأة العاقر وحبل الأموات وحمل الدواب
فإما حَبل الرجال في المنام فإنه دليل للعالم على زيادة علمه وللصانع على اقتراحه ما لا يدركه غيره وربما دل حَبل الرجل على همومه ونكده ومجاورة عدوه وربما دل على العشق والهَيام وربما دل على من يجمع بين الإناث والذكور في محل واحد أو يزرع الشيء في غير محله أو يكتم حاله فتظهر عليه أو يمرض بالاستسقاء أو يدخل داره لص أو في داره ضبية أو يسرق سرقة ويخفيها عن ربها
وربما دل
(1/187)
________________________________________
ص 135 ب حَبل الرجل على أنه يهلك نفسه بحبلٍ أو يتضرر ( 1 ) ودفن عنده من يعزّ عليه من الأموات الأجانب وربما كان كذاباً يتظاهر بالمحال وربما كتم إيمانه أو اعتقاده الفاسد والله أعلم وأما حَبل البكر فربما دل على نكد يصل إلى أهلها بسببها وربما دل على حادث شر يحدث في محلتها من سارق أو حريق وربما التبسها جان أو يعمل لها جهازاً يناسبها أو يُعقد لها على غير كفؤاً أو نزول بكارتها قبل زواجها وتطول مدتها وأما الحَبل فيقال فيه حَمل وأول مراتب الحَمل الإبط ثم الظِبن وهو أسفل الإبط ثم الحِضن وهو عند الجنب
وأما حَبل المرأة ( 2 ) العقيم العاقر أو الذكور من البهائم والأنعام فإن ذلك دليل على قحط السنة وقلة خيرها وكثرة فتنها وشرورها من قبل اللصوص أو الخوارج
فأما إن وضع أحد من هؤلاء المذكورين حيواناً مُفزعاً أو كاسراً كان شراً ونكداً يزول عنه وخوفاً وهماً في الموضع الذي وضع فيه والله أعلم
وأما الأصهار في المنام لمن ليس له صهر في اليقظة فإن ذلك دليل على النصرة على الأعداء وعلى الأمن من الخوف لقوله تعالى ( وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسباً
ص 136 أ وصهرا وكان بكم قديرا ) وأما من صار له في المنام حموٌ وكان في اليقظة مريضاً كان ذلك دليلاً على موته كما جاء عن النبى {صلى الله عليه وسلم} أنه قال ( الحمو الموت ) وسيُذكر الزواج وأسبابه وما يتعلق به في الباب الحادي عشر من هذه المقدمة إن شاء الله تعالى